هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلالتسجيلدخولإتصل بنا
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
صفحاتنا على

 
اعلانك هنا
إعلانك هنا يحقق هدفك إتصل بنا عبرة إستمارة من هنا.


أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
deaa4 - 1384
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
كريدي نت - 526
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
rama basomi - 208
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
mohmmad aude - 87
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
سكر سكرة - 82
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
seham aljabban - 60
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
ملاك الروووح - 50
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
علاوي - 50
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
احمد الياسرجي - 50
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
alzagri - 40
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_rcapكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Voting_barكيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Vote_lcap 
احصائيات عالمية
free counters Deaa4

="opaque" flashvars="id

 

 كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كريدي نت
     
     
كريدي نت


الجنس الجنس : ذكر جنسيتك جنسيتك : سورية
المزاج المزاج : مسهل
عدد المساهمات عدد المساهمات : 526
معدل النشاط معدل النشاط : 1562
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 21/10/2010
العمر : 29

كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Empty
مُساهمةموضوع: كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2   كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2 Clock102010-10-29, 03:04

كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2
ثم ساروا إلى نيسابور فحصروها خمسة أيام ، وبها جمع صالح من العسكر الإسلاميّ فلم يكن لهم بالتتر قوة ، فملكوا المدينة و أخرجوا أهلها إلى الصحراء ، فقتلوهم و سبوا حريمهم ، وعاقبوا من اتهموه بمال كما فعلوا بمرو ، و أقاموا خمسة عشر يوماً يخربون و يفتشون المنازل عن الأموال ، وكانوا لما قتلوا أهل مرو وقيل لهم إن قتلاهم سلم منهم كثير ، ونجوا إلى بلاد الإسلام ، فأمروا بأهل نيسابور أن تقطع رؤوسهم لئلا يسلم من القتل أحد ، فلما فرغوا من ذلك سيروا طائفة منهم إلى طوس ففعلوا بها كذلك أيضاً ، و خربوها حتى جعلوا الجميع خراباً ، ثم ساروا إلى هراة ، وهي من أحصن البلاد ، فحصروها عشرة أيام ، فملكوها و أمنوا أهلها و قتلوا منها البعض و جعلوا عند من سلم منهم رئيساً ، وساروا إلى غزنة فلقيهم جلال الدين بن خوارزم شاه فقاتلهم وهزمهم ، فوثب أهل هراة على الرئيس فقتلوه ، فلما عاد المهزومون عليهم دخلوا البلد قهراً و عنوة وقتلوا كل من فيه ونهبوا الأموال ، وسبوا الحريم ، و نهبوا السواد ، وخربوا المدينة جميعها و أحرقوها ، وعادوا إلى ملكهم جنكزخان وهو بالطالقان يرسل السرايا إلى جميع بلاد خراسان ، ففعلوا بها كذلك ، ولم يسلم من شرهم وفسادهم شيء من البلاد ، وكان جميع ما فعلوه بخراسان سنة سبع عشرة .

((
ذكر ملكهم خوارزم و تخريبها )):
و أما الطائفة من الجيش التي سيرها جنكزخان إلى خوارزم فإنها كانت أكثر السرايا جميعها لعظم البلاد ، فساروا حتى وصلوا إلى خوارزم ، وفيها عسكر كبير و أهل البلد معروفون بالشجاعة و الكثرة ، فقاتلوهم أشد قتال سمع به الناس ، و دام الحصر لهم خمسة أشهر ، فقتل من الفريقين خلق كثير إلا أن القتلى من التتر كانوا أكثر ، لأن المسلمين كان يحميهم السور ، فأرسل التتر إلى ملكهم جنكزخان يطلبون المدد فأمدهم بخلق كثير ، فلما وصلوا إلى البلد زحفوا زحفاً متتابعاً فملكوا طرفاً منه ، فاجتمع أهل البلد و قاتلوهم في طرف الموضع الذي ملكوا فلم يقدروا على إخراجهم و لم يزالوا يقاتلونهم و التتر يملكون منهم محلة بعد محلة ، كلما ملكوا محلة قاتلهم المسلمون في المحلة التي تليهم، فكان الرجال و النساء و الصبيان يقاتلون ، فلم يزالوا كذلك حتى ملكوا البلد جميعه ، وقتلوا كل من فيه ، ونهبواكل ما فيه ، ثم إنهم فتحوا السد الذي يمنع ماء جيحون عن البلد فدخله الماء فغرق البلد جميعه ، و تهدمت الأبنية ، وبقي موضعه ماء و لم يسلم من أهله أحد البتة ، فإن غيره من البلاد قد كان يسلم بعض أهله ، منهم من يختفي ، ومنهم من يهرب ، ومنهم من يخرج ثم يسلم ، و منهم من يلقي نفسه بين القتلى فينجو ، و أما أهل خوارزم فمن اختفى من التتر غرقه الماء أو قتله الهدم فأصبحت خراباً بياباً :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا...أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فلما فرغوا من خراسان وخوارزم عادوا إلى ملكهم بالطالقان.

((
ذكر ملك التتر غزنة وبلاد الغور )):
لما فرغ التتر من خراسان و خوارزم و عادوا إلى ملكهم سير جيشاً كثيفاً إلى غزنة و بها جلال الدين بن خوارزمشاه مالكاً لها ، وقد اجتمع إليه من سلم من عسكر ابيه قيل وكان ستين ألفاً ، فلما وصلوا إلى أعمال غزنة خرج إليهم المسلمون مع ابن خورزمشاه إلى موضع يقال له بلق ، فالتقوا هناك و اقتتلوا قتالاً شديداً و بقوا كذلك ثلاثة أيام ، ثم أنزل الله نصره على المسلمين فانهزم التتر ، وقتلهم المسلمون كيف شاؤا ، و من سلم منهم عاد إلى ملكهم بالطالقان ، فلما سمع أهل هراة بذلك ثاروا بالوالي الذي عندهم للتتر فقتلوه ، فسير إليهم جنكز خان عسكراً فملكوا البلد و خربوه ، فلما انهزم التتر أرسل جلال الدين رسولاً إلى جنكزخان يقول له : في أي موضع تريد يكون الحرب حتى نأتي إليه ، فجهز جنكزخان عسكراً كثيراً أكثر من الأول مع بعض أولاده و سيره إليه فوصل إلى كابل فتوجه العسكر الإسلاميّ إليهم و تصافوا هناك و جرى بينهم قتال عظيم ، فانهزم الكفار ثانياً فقتل كثير منهم ، و غنم المسلمون مامعهم ، و كان عظيماً ، و كان معهم من أسارى المسلمين خلق كثير فاستنقذوهم ، ثم إن المسلمين جرى بينهم فتنة لأجل الغنيمة ، و سبب ذلك أن أميراً منهم يقال له سيف الدين بغراق كان شجاعاً و اصطلى الحرب مع التتر بنفسه وقال لعسكر جلال الدين : تأخروا أنتم فقد ملئتم منهم رعباً ، وهو الذي كسر التتر على الحقيقة ، وكان من المسلمين أيضاً أمير كبير يقال له ملك خان، فاختلف هذان الأميران في الغنيمة ، فاقتتلوا فقتل بينهم أخ لبغراق فقال بغراق : أنا أهزم الكفار و يقتل أخي لأجل هذا السحت ، فغضب وفارق العسكر وسار إلى الهند ، فتبعه من العسكر ثلاثون ألفاً كلهم يريدونه ، فاستعطفه جلال الدين بكل طريق وسار بنفسه إليه ، وذكره الجهاد وخوفه من الله تعالى ، و بكى بين يديه ، فلم يرجع وسار مفارقاً ،فانكسر لذلك المسلمون و ضعفوا ، فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر أن جنكزخان قد وصل في جموعه و جيوشه ، فلما رأى جلال الدين صعف المسلمين لأجل من فارقهم من العسكر ولم يقدر على المقام سار نحو بلاد الهند فوصل إلى ماء السند وهو نهر كبير فلم يجد من السفن ما يعبر فيه ، وكان جنكزخان يقص أثره مسرعاً فلم يتمكن جلال الدين من العبور حتى أدركه جنكزخان في التتر ، فاضطر المسلمون حينئذ إلى القتال و الصبر لتعذر العبور عليهم ، فتصافوا و اقتتلوا أشد قتال ، اعترفوا كلهم أن كل ما مضى من الحروب كان لعباً بالنسبة إلى هذا القتال ، فبقوا كذلك ثلاثة أيام ، فقتل الأمير ملك خان و خلق كثير ، و كان القتل في الكفار أكثر و الجراح أعظم فرجع الكفار عنهم فأبعدوا و نزلوا ، فلما رأى المسلمون أنهم لا مدد لهم وقد ازدادوا ضعفاً بمن قتل منهم وجرح ولم يعلموا بما أصاب الكفار من ذلك فأرسلوا يطلبون السفن فوصلت و عبر المسلمون ، فلما كان الغد عادالكفار إلى غزنة وقد قويت نفوسهم بعبور المسلمين الماء إلى جهة الهند وبعدهم ، فلما وصلوا إليها ملكوها لوقتها لخلوها من العساكر و المحامي فقتلوا أهلها،ونهبوا الأموال ، وسبوا الحريم ولم يبق أحد ، وخربوها و أحرقوها ، وفعلوا بسوادها كذلك و نهبوا وقتلوا و أحرقوا ، فأصبحت تلك الأعمال جميعها خالية من الأنيس خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس .

(4) :
سقوط بغداد

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى : ( استهلت سنة 656، وجنود التتار قد نازلت بغداد صحبة الأميرين اللذين على مقدمة عساكر سلطان التتارهولا كوخان ، وجاءت إليهم أمداد صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة وميرته وهداياه وتحفه ، وكل ذلك خوفاً على نفسه من التتار ، ومصانعة لهم قبحهم الله تعالى.

وقد سترت بغداد ونصبت فيها المجانيق والعرادات وغيرها من آلات الممانعة التي لا ترد من قدر الله سبحانه وتعالى شيئاً ، كما ورد في الأثر : ( لن يغني حذر عن قدر )، وكما قال تعالى : ( إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ) ، وقال تعالى :( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ) .

وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه ، وكانت من جملة حظاياه ، وكانت مولدة تسمى عرفة ، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة ، فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعاً شديداً ، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه فإذا عليه مكتوب : إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم ، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز ، وكثرت الستائر على دار الخلافة.

وكان قدوم هولاكو بجنوده كلها - وكانوا نحو مائتي ألف مقاتل – إلى بغداد في ثاني عشر المحرم من هذه السنة ، وهو شديد الحنق على الخليفة بسبب ماكان تقدم من الأمر الذي قدره الله وأنفذه وأمضاه، وهو أن هولاكو لما كان أول بروزه من همدان متوجهاً إلى العراق أشار الوزير مؤيد الدين العلقمي على الخليفة بأن يبعث إليه بهدايا سنية ليكون ذلك مداراة عما يريده من قصد بلادهم فخذل الخليفة عن ذلك دويداره الصغير أيبك وغيره ، وقالوا : إن الوزيرإنما يريد مصانعة ملك التتار بما يبعثه إليه من الأموال ، و أشاروا بأن يبعث بشيء يسير، فأرسل شيئاً من الهدايا فاحتقرها هولاكو ، وأرسل إلى الخليفة يطلب منه دويداره المذكور ، وسليمان شاه، فلم يبعثهما إليه ولابالا به حتى أزف قدومه .

ووصل بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية ، وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة ،لايبلغون عشرة آلاف فارس ،وهم بقية الجيش ، كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد ، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله ، وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي ، وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة حتى نهبت دور قرابات الوزير ، فاشتد حنقه على ذلك ، فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ماوقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات .

ولهذا كان أول من برز إلى التتار هو فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع بالسلطان هولاكو لعنه الله ، ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصف للخليفة، فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤس الأمراء والدولة والأعيان ، فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكو حجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفساً، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين ، وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت وقتلوا عن آخرهم ، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة فيقال : إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت ، ثم عاد الخليفة إلى بغداد وفي صحبته خوجه نصير الدين الطوسي والوزير العلقمي وغيرهما ، والخليفة تحت الحوطة و المصادرة ، فأحضر من دار الخلافة شيئاً كثيراً من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة ، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة ، وقال الوزير : متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا عاماً أو عامين ثم يعود الأمر إلى ماكان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة ، فلما عاد من الخليفة إلى هولاكو أمر بقتله، ويقال : إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي ، وكان النصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت وانتزعها من أيدي الإسماعيلية ، وكان النصير وزيراً لشمس الشموس ولأبيه من قبل علاء الدين بن جلال الدين ، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك فقتلوه رفساً وهو في جوا لق لئلا يقع على الأرض شيء من دمه ، خافوا أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم ، وقيل : بل خنق ، ويقال :بل أغرق فالله أعلم ، فباؤا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاده .

فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش ، وكمنوا أياماً لا يظهرون ، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة ، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت لهم أموالهم .

وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس وهم في خوف وجوع وذلة وقلة ، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف ، ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد ، وسهل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقة الحال ، وكشف لهم ضعف الرجال؛ وذلك كله طمعاً منه أن يزيل السنّة بالكلية ، وأن يظهر البدعة الرافضة ، وأن يقيم خليفة من الفاطميين ، وأن يبيد العلماء والمفتين ، والله غالب على أمره .

وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة ، فقيل : ثمانمائة ألف ، وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف ، وقيل : بلغت القتلى ألفي ألف نفس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .

وكان دخولهم إلى بغداد في أوائل المحرم ، ومازال السيف يقتل أهلها أربعين يوماً ، وقتل مع الخليفة ولده الأكبر أبو العباس أحمد ، ثم قتل ولده الأوسط أبو الفضل عبد الرحمن ، وأسر ولده الأصغر مبارك ، وأسرت أخواته الثلاث : فاطمة وخديجة ومريم ، وأسر من دار الخلافة ما يقارب ألف بكر فيما قيل ، والله أعلم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.وقتل أكابر الدولة واحداً بعد واحد وجماعة من أمراء السنة وأكابر البلد.

وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، فيذبح كما تذبح الشاه ، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه ، وقتل الشيوخ والخطباء والأئمة وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد ، وأراد الوزيرابن العلقمي قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض ، وأن يبنى للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم وعَلَمهم بها وعليها ، فلم يقدره الله تعالى على ذلك ، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده فاجتمعا - والله أعلم- بالدرك الأسفل من النار .

ولما انقضى الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس ، والقتلى في الطرقات كأنها التلول ، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح ، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمناطير والقِنىَ والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضاً فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر من يعلم السر وأخفى .

وكان رحيل السلطان المسلط هولاكو عن بغداد في جمادى الأولى من هذه السنة إلى مقر ملكه وفوض أمر بغداد إلى الأمير علي بهادر، فوض إ ليه الرئاسة بها وإلى الوزير ابن العلقمي فلم يمهله الله ولاأهمله ، بل أخذه أحذ عزيز مقتدر ، في مستهل جمادى الآخرة عن ثلاث وستين سنة ، وكان شيعياً جلداً رافضياً خبيثاً، فمات جهداً وغماً وحزناً وندماً ) .






المصدر : البداية والنهاية (13 /200-203 )

(5) :
دخول الشام ، وسقوط دمشق

استهلت هذه السنة – أي سنة657 – وليس للمسلمين خليفة ، وسلطان دمشق وحلب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز.

وقد أرسل الملك الغاشم هولاكو إلى الملك الناصر صاحب دمشق يستدعيه إليه ، فأرسل إليه ولده العزيز وهو صغير ومعه هدايا كثيرة وتحف فلم يحتفل به هولاكو ، بل غضب على أبيه إذ لم يقبل إليه وأخذ ابنه وقال : أنا أسير إلى بلاده بنفسي ، فانزعج الناصر لذلك وبعث بحريمه وأهله إلى الكرك ليحصنهم بها ، وخاف أهل دمشق خوفاً شديداً ، ولاسيما لما بلغهم أن التتار قد قطعوا الفرات سافر كثير منهم إلى مصر في زمن الشتاء فمات ناس كثير منهم ونهبوا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

وأقبل هولاكو فقصد الشام بجنوده وعساكره ، وقد امتنعت عليه ( ميافارقين ) مدة سنة ونصف ، فأرسل إليها ولده أشموط فافتتحها قسراً ، وأنزل ملكها الكامل بن الشهاب غازي فأرسله إلى أبيه وهو محاصر حلب فقتله بين يديه ، وطيف برأسه في البلاد ، ودخلوا به إلى دمشق .

وتواترت الأخبار بقصد التتار بلاد الشام إذ دخل جيش المغول صحبة ملكهم هولاكو ، وجاوزوا الفرات على جسور عملوها ، ووصلوا إلى حلب في ثاني صفر من هذه السنة فحاصروها سبعة أيام ، ثم افتتحوها بالأمان ، ثم غدروا بأهلها ، وقتلوا منهم خلقاً لا يعلمهم إلا الله عز وجل ، ونهبوا الأموال ، وسبوا النساء والأطفال ، وجرى عليهم قريب مما جرى على أهل بغداد ، فجاسوا خلال الديار ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

وامتنعت عليهم القلعة شهراً ثم استلموها بالأمان ، وخربوا أسور البلد وأسوار القلعة ، وبقيت حلب كأنها ..... أجرب ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، وقد كان أرسل هولاكو يقول لأهل حلب : نحن إنما جئنا لقتال الملك الناصر بدمشق ، فاجعلوا لنا عندكم شحنة [ أي أميراً ] ، فإن كانت النصرة لنا فالبلاد كلها في حكمنا ، وإن كانت علينا فإن شئتم قبلتم الشحنة ، وإن شئتم أطلقتموه ، فأجابوه : مالك عندنا إلا السيف ، فتعجب من ضعفهم وجوابهم ، فزحف حينئذ إليهم ، وأحاط بالبلد ، وكان ما كان بقدر الله سبحانه .

ولما فتحت حلب أرسل صاحب حماه بمفاتيحها إلى هولاكو ، فاستناب عليها رجلاً من العجم فخرب أسوارها كمدينة حلب .

وأرسل هولاكو وهو نازل حلب جيشاُ مع أمير من كبار دولته يقال له كتبغاوين، فوردوا دمشق في آخر صفر فأخذوها سريعاً من غير ممانعة ولا مدافعة ، بل تلقاهم كبارها بالرحب والسعة ، وقد كتب هولاكو أماناً لأهل البلد فقرئ بالميدان الأخضر ونودي به في البلد ، فأمن الناس على وجل من الغدر كما فعل بأهل حلب ، هذا والقلعة ممتنعة مستورة ، وفي أعاليها المجانيق منصوبة والحال شديدة ، فأحضرت التتار منجنيقاً يحمل على عجل والخيول تجرها ، وهم راكبون على الخيل ، وأسلحتهم على أبقار كثيرة ، فنصب المنجنيق على القلعة من غربيها ، وخربوا حيطاناً كثيرة ، وأخذوا حجارتها ورموا بها القلعة رمياً متواتراً كالمطر المتدارك ، فهدموا كثيراً من أعاليها وشرافاتها ، وتداعت للسقوط ، فأجابهم متوليها في آخر ذلك للمصالحة ففتحوها ، وخربوا كل بدنة فيها ، وأعالي بروجها ، وقتلوا المتولي بها ونقيبها .

وسلموا البلد والقلعة إلى أمير منهم يقال له ابل سيان ، وكان لعنه الله معظماُ لدين النصارى ، فاجتمع به أساقفتهم وقسوسهم ، فعظمهم جداً وزار كنائسهم ، فصارت لهم دولة وصولة بسببه ، وذهب طائفة من النصارى إلى هولاكو ، وأخذوا معهم هدايا وتحفاً ، وقدموا من عنده ومعهم أمان فرمان من جهته ، ودخلوا من باب توما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس ، وهم ينادون بشعارهم ويقولون : ظهر الدين الصحيح دين المسيح ، ويذمون الإسلام وأهله ، ومعهم أواني فيها خمر لا يمرون على باب مسجد إلا رشوا عنده خمراً ، وقماقم ملآنة خمراً يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم ، ويأمرون كل من يجتازون به في الأزقة والأسواق أن يقوم لصلبهم .. ثم دخلوا بعد ذلك إلى كنيسة مريم ، وكانت عامرة ، ولكن كان هذا سبب خرابها ، ولله الحمد ، وضربوا بالناقوس في كنيسة مريم .. وذكر أنهم دخلوا إلى الجامع بخمر ، وكان في نيتهم إن طالت مدة التتار أن يخربوا كثيراً من المساجد وغيرها ، ولما وقع هذا في البلد اجتمع قضاة المسلمين والشهود والفقهاء فدخلوا القلعة يشكون هذا الحال إلى متسلمها ابل سيان ، فأهينوا وطردوا ، وقدم كلام روؤس النصارى عليهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

وهذا كان في أول هذه السنة وسلطان الشام الناصر بن العزيز مقيم في جيوش كثيرة من الأمراء وأبناء الملوك ليناجزوا التتار إن قدموا إليهم ، ولكن الكلمة بين الجيوش مختلفة غير مؤتلفة لما يريده الله عز وجل ، وقد عزمت طائفة من الأمراء على خلع الناصر وسجنه ومبايعة أخيه شقيقه الملك الظاهر علي ، فلما عرف الناصر ذلك هرب إلى القلعة ، وتفرقت العساكر شذر مذر .



البداية والنهاية 13/ 215 - 220باختصار


(6) :
هزيمة التتار في عين جالوت


ذكرنا في الحلقات الماضيات كيف قدم التتار إلى البلاد العربية الإسلامية ، وقد سبقتهم سمعتهم الرهيبة وأفعالهم المتوحشة ، فعاثوا في الأرض فساداً في بغداد وحلب ودمشق ، واتجهوا إلى الديار المصرية ليأخذوها، وكانت تحت حكم السلطان المملوكي قطز.

وجاء الخبر إلى الناس في مصر أن عسكر هولاكو قد وصل إلى دمشق ، ونهب البلاد ، وقتل العباد ، فاضطربت من هذا الخبر القاهرة ، وعظمت البلية ، ووصلت رسل خمسة من هولاكو برسالة جاء فيها بعد كلام فيه احتقار للمماليك : ( سلموا إلينا الأمر تسلموا قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ، وقد سمعتم أنا أخربنا البلاد وقتلنا العباد ، فلكم منا الهرب ، ولنا خلفكم الطلب ، فمالكم من سيوفنا خلاص ، وأنتم معنا في الأقفاص ، خيولنا سوابق ، وسيوفنا صواعق ، فقلوبنا كالجبال ، وعددنا كالرمال ، فمن طلب حربنا ندم ، ومن تأخر عنا سلم ) .

ثم قال له بعد كلام : ( فأسرعوا إلينا بالجواب قبل أن تضرم الحرب نارها ، وترميكم بشرارها ، فلا يبقى لكم جاه ولا عزّ ، ولا يعصمكم منا حصن ولا حرز ، وتترك الأرض منكم خالية ، والمنازل خاوية ، فقد أيقظناكم إذ حذرناكم ، فما بقي لنا مقصد سواكم ، وقد حذرنا قبلكم أهل بغداد بمثل ذلك فما سمعوا فجرى عليهم ما سمعتم به ، وقتلنا خطيبهم الذي يزعمون أنه الخليفة ، وخربنا عواقب الردى ) ، فها أنت ذا ترى أخي القارئ شدة التتار في كلامهم ، وقوة تهديدهم ، وجلبهم العبارات الميئسة ، خاصة أن هولاكو ختم الرسالة بهذين البيتين :
أين المفر ولا مفـرّ لهـارب ولنا البسيطان:الثرى والماء
ذلت لهيبتنا الأسود وأصبحت في يـدنا الأمـراء والخلفـاء


فماذا فعل المظفر قطز بعد هذا التهديد الذي لا مثيل له ؟ إن الرجل توكل على مولاه الذي لا يخيب قاصده ، وقرر أن يدخل الحرب ضد هولاكو ، وذلك بعد أن جمع الأمراء فاستشارهم فقال لهم فيما قال : ( إن تأخرتم عن قتالهم ملكوا الديار المصرية ، وفعلوا بنا كما فعلوا في بغداد )، فأجمع أمرهم على الخروج إلى هولاكو ، وهنا فعل قطز فعلاً عجيباً لا يقدم عليه إلا من كان قد عقد العزم على المناجزة ، وبث الرعب في العدو المقابل ، وذلك أنه أمر بالرسل الخمسة فقتلوا ، وهذا مخالف لما هو معروف من أن الرسل لا يقتلون ، لكنه صنع هذا ليخيف الأعداء ويشعرهم بقوته وهيبته وسطوته .

واستعد المظفر قطز للقتال وجمع عدداً ضخماً من الجنود بينهم كثير من عربان الشرقية والغربية ، ونادى بالنفير العام إلى الغزو في سبيل الله تعالى ، فاجتمع عنده من عساكر مصر نحو أربعين ألفاً ، ثم برزت مشكلة جمع الأموال اللازمة لهذا الجهاد ، فعقد مجلساً دعى إليه القضاة والمشايخ ، وكان على رأسهم شيخ الإسلام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله تعالى ، واستشار السلطان قطز عز الدين بن عبد السلام في شأن المال ، فقال الإمام كلاماً عظيماً لا يصدر إلا ممن وثق بنصر الله تعالى لعبيده فقال : (اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر )، فقال السلطان : ( إن المال في خزانتي قليل وأنا أريد أن أقترض من أموال التجار )، فقال له الإمام ابن عبد السلام :( إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك ، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام اتخاذه ، وضربته سكة ونقداً ، وفرقته في الجيش ولم يقم بكفايتهم ، ذلك الوقت اطلب القرض ، وأما قبل ذلك فلا )، فأحضر السلطان والعسكر كلهم ما عندهم من ذلك بحضرة الشيخ ، وكانت له عندهم عظمة ، وله في أنفسهم مهابة بحيث لا يستطيعون مخالفته ، فامتثلوا ما قاله ، وهذا يدل على أن لمشايخ الإسلام القدماء عظمة ومكانة لا تدانيها مكانة .

وأما قول العز بن عبد السلام :( اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر ) فهو من باب الثقة بنصر الله تعالى ، وأن النصر يتنزل إن حققت شروطه ، والشيخ قد رأى أن شروطه تحققت ، أو أن ذلك من باب الكرامة للشيخ رحمه الله تعالى ، ويشبه هذا ما وقع لشيخ الإسلام ابن تيمية فإنه كان يقسم للناس أن الله سينصرهم على التتار في وقعة شقحب سنة 702هـ وكانت مع التتار أيضاً ، وكان إذا قيل له : قل إن شاء الله يقول : إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً .

ثم إن المظفر قطزاً جمع المال من الناس ، فقرر على كل رأس من أهل مصر والقاهرة من كبير وصغير ديناراً واحداً ، وأخذ من أجرة الأملاك شهراً واحداً ، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلاً ، وأخذ أشياء أ..... كثيرة ، واجتمع له من الأموال بسبب هذا ستمائة ألف دينار وكسور ، فأنفق ذلك على العسكر والعربان وجهز جيشه ، والطريف أن أحد الشعراء قال في صنيعه هذا الذي اتكأ فيه على فتوى الإمام ابن عبد السلام :
إن سلطاننا الذي نرتجيـه واسع الحال ضيق الإنفـاق
هو سـيف كما يقـال ولكـن قاطـع للرســوم والأرزاق

وصل المظفر قطز إلى فلسطين في موقع هنالك يقال له ( عين جالوت ) ، وكان ذلك في العشر الأواخر من رمضان سنة 658 ، وكان يوم جمعة ، فلما رأى جنود التتار وكثرتهم قال رحمه الله تعالى للأمراء والجيوش الذين معه: لا تقاتلوهم حتى تزول الشمس وتفيء الظلال وتهب الرياح ويدعو لنا الخطباء والناس في صلاتهم ، وقد التقى مع التتار فانكسر الجيش الإسلامي ابتداء ، فترجل عن جواده ورمى خوذته وقال : وا إسلاماه ، فكان لهذه الكلمة فعلها في النفوس ، فاجتهد الجند والأمراء وقاتلوا قتالاً هائلاً ، وكان بينهما ما تشيب من هوله النواصي ، وقتل من الفريقين عسكر لا يحصى في معركة هائلة ، ثم انجلت المعركة عن هزيمة شنيعة للتتار ما ذاقوا مثلها من قبل ، وقتل قائدهم المحنك كَتْبُغانُوِين نائب هولاكو على بلاد الشام ، ولله الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، وما قامت للتتار قائمة بعد تلك المعركة ، بل كان أمرهم إلى بوار ، وفرح المسلمون فرحاً شديداً بهذه النتيجة ، واتبعوا التتار يقتلونهم في كل موضع ، وهرب التتار من دمشق وحلب ، وأيد الله الإسلام وأهله ، وكبت الله النصارى واليهود والمنافقين الذين فرحوا بانتصار التتار قبل ذلك ، وظهر دين الله وهم كارهون .

وبعد : لقد نصر الله المسلمين في عين جالوت نصراً عظيماً لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يتوقعه ، والمسلمون اليوم تحيط بهم أخطار كثيرة من جهات عديدة لكن بشائر النصر قريبة إن شاء الله تعالى ، فهاهم أسود الله في فلسطين والشيشان وكشمير وغيرها يجاهدون في سبيل الله ، ويرفعون راية الدين عالية ، ويثبتون للدنيا جميعها أن هذه الأمة لا تموت ، ولا ينبغي لها أن تموت ، وأن رحمها ولود بالأبطال ، وأنها تستعصي على كل المؤامرات الدولية والمؤتمرات التيئيسية .

(7) :
من هو جنكيزخان ؟

السلطان الأعظم عند التتار ، وهوالذي وضع لهم السياسا التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها ، وأكثرها مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه ، وهو شيء اقترحه من عند نفسه ، وتبعوه في ذلك ، وكانت تزعم أمه أنها حملته من شعاع الشمس ، فلهذا لا يعرف له أب ، والظاهر أنه مجهول النسب .


وكان في ابتداء أمره خصيصاً عند الملك أز بك خان ، وكان إذ ذاك شاباًحسناً ، وكان اسمه أولاً تمرجي ، ثم لما عظم سمى نفسه جنكيزخان ، وكان هذا الملك قد قربه وأدناه ، فحسده عظماء الملك ووشوا به إليه حتى أخرجوه عليه ، ولم يقتله ولم يجد له طريقاً في ذنب يتسلط عليه به ، فهو في ذلك إذ تغضب الملك على مملوكين صغيرين فهربا منه ولجآ إلى جنكيز خان فأكرمهما وأحسن إليهما ، فأخبراه بما يضمره الملك أز بك خان من قتله ، فأخذ حذره وتحيز بدولة ، وأتبعه طوائف من التتار ، وصار كثيراً من أصحاب أز بك خان ينفرون إليه ويفدون عليه فيكرمهم ويعطيهم ، حتى قويت شوكته وكثرت جنوده ، ثم حارب بعد ذلك أز بك خان فظفر به وقتله ، واستحوذ على مملكته وملكه ، وعظم أمره وبعد صيته ، وخضعت له قبائل الترك كلها حتى صار يركب في نحو ثمانمائة ألف مقاتل ، وأكثر القبائل قبيلته التي هو منها ، وكان يصطاد من السنة ثلاثة أشهر والباقي للحرب والحكم .

ثم نشبت الحرب بينه وبين الملك علاء الدين خوارزم شاه صاحب بلاد خراسان وأذربيجان والعراق وغير ذلك ، فقهره جنكيز خان وغلبه واستحوذ على سائر بلاده بنفسه وبأولاده في أيسر مدة بلا منازع ولا مدافع ، كما ذكرنا في الحلقات السابقة ، وكان ابتداء ملك جنكيز خان سنة 599 هـ ، ووفاته سنة 624هـ ، فجعلوه في تابوت من حديد وعلقوه بين جبلين هنالك .

وأما كتابه الياسا فإنه كان يكتب في مجلدين بخط غليظ ، ويحمل على بعير عندهم ، وقد ذكر بعضهم أنه كان يصعد جبلاً ثم ينزل ثم يصعد ثم ينزل مراراً حتى يعي ويقع مغشياً عليه ، ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ ، فإن كان هذا هكذا فالظاهر أن الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف دخل التتر بلاد المسلمين 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: عالم التعليم :: الكتب والبحوث :: التاريخية-
انتقل الى: