المخدرات
أنواعها وخصائصها
الاختلافات الكيميائية والأقرباذينية
الدكتور محمد الهواري
ألمانيا
يعتبر الإدمان على المخدرات في عصرنا هذا من أبرز سمات المجتمعات الحرة، أو بالأصح المجتمعات التي تحررت من كل قيد أخلاقي وانعدمت فيها القيم، وانساقت وراء لذاتها وشهواتها بلا حدود، وتعقدت المشكلات وتفاقمت واستعصت على الحل حتى على أيدي أبرع النطاسيين والخبراء.
ولم تعد المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات أو علي قطر معين أو طبقة محددة من المجتمع. وأصبحنا نرى المجتمعات الصناعية الحديثة تطرح لنا في كل يوم عقارا أو دواء جديدا يأخذ بالعقل ويوقع في البلاهة والخبل. وأينما توجهـت في أقطار الأرض شرقها وغربها أذهلك انتشار الادمان على المخدرات في جميع طبقات المجتمع بعد أن كان مقتصرا في الماضي علي الطبقات الراقية المترفة.
والإنسان في بحثه عن السكينة واللذة، وفي مكافحته للألم تعامل مع عدد من النباتات التي يتمتع بعضها بخواص دوائية شافية، وبعضها الآخر سم قاتل. وبين هاتين الصفتين نجمت العلاقة الجدلية ما بين السم والدواء. وهناك فرق بين تناول الدواء بقصد العلاج وبين تناوله بحثا عن اللذة والهدوء والسكينة.
فالدواء مركب طبيعي أو صنعي يتناول بمقدار مناسب بقصد المعالجة والشفاء. أما المخدر فهو مادة طبيعية أو صنعية تتمتع بخواص فيزيولوجية متميزة، وقد يؤدي الاستعمال المديد لبعضها إلى نوع من الإدمان بصورة لا يستطيع الإنسان أن يستغني عنه.
اقتصر اسم المخدر في الماضي على المخدرات التقليدية التي تشمل الأفيون ومشتقاته ثم أضيف الكوكا والقنب الهندي (الحشيش) إلى القائمة.
وخلال السنين القريبة ظهرت في الأسواق مركبات جديدة تتمتع بتأثير واضح على الجملة العصبية والدماغية وتؤدي إلى انحراف عقلي واضح، حتى ان كثيرا منها يؤدي إلى الإذعان والاستعباد نتيجة للاستعمال المستمر والحاجة الماسة التي تنشأ عن هذا الاستعمال.
ومن ثم قامت لجنة المخدرات التابعة لهيئة الأمم المتحدة بعقد اتفاق دولي من شأنه توسيع المراقبة على مواد مسببة للخبل دعيت بالمواد المهلسة Hallucinogens بالإضافة إلى الأمفيتامينات Amphetamines والمشتقات الباربتيورية Barbiturates والمهدئات (المركنات) Sedatives .
وعلى هذا الأساس لم يعد لكلمة العقار المخدر أي معنى محدد، بل أصبح معناها واسعا جدا وشاملا للمركبات التي تؤدي للانسمام والاستعباد. والمريض المصاب هو في الواقع مريض متعد د الانسمام نتيجة لاستعماله خليطا مختلفا من المواد المنبهة والمهلسة والمشتقات الأفيونية أو المركبات الباربتيورية وغيرها. لا تنتمي المخدرات إلى زمرة كيميائية معينة، بل تختلف مصادرها اختلافا كبيرا. فمنها ذو منشأ نباتي كالأفيون والحشيش والكوكا، ومنها من نتاج الصناعة الكيميائية أو الدوائية كالأمفبتامينات والباربتيورات.
ونظرا لوفرة هذه المركبات ولاختلاف مصادرها وتعقيد تركيبها الكيميائي فقد كان من العسير الاعتماد عاما تصنيف مبسط يجمع بينها، وخلوصا من المشكلة فقد تم تصنيفها تبعا لتأثيرها، وبالتالي تبعا لقدرتها على إيجاد الإدمان والإذعان. وتورد مراجع منظمة الصحة العالمية التصنيف المبسط التالي:
أ- الأفيونات، وتشتمل على:
1 - الأفيون.
2- مشتقات الأفيون مثل المورفين والهيروئين والكودئين وغيرها.
3- الأفيونات الاصطناعية مثل الميثادون والبيتدين والميبريدين.
ب- العقاتير المركنة: وتشتمل على:
ا- الغول Alcohol والمشروبات الغولية كالجعة Beer والخمر (النبيذ) والعرق والويسكي والشامبانيا وأمثالها.
2- المنمات كالباربتيورات وهيدرات الكلورال.
3- المهد ئات المعتدلة مثاك الفاليوم Vallium والكورديازوبوكسيد والميبروبامات.
ج- المنبهات Stimulants وتشتمل على:
ا- المنبهات الاصطناعية مثل الأمفيتامين والديكسامفيتامين.
2- ا لكو كائين.
د- الحشيش Cannabis
ويعرف بأسماء مختلفة باختلاف البلدان التي ينتشر فيها كالبنج والغانجا Ganja والحشيش والشاراس sharas والماريوانا Marijuna والشاي الأحمر والكيف …. الخ .
هـ- العقاقير المهلسة Hallucinogens وتشتمل على:
أ- الليزرجيد Lysergic Acid Diethlamid والميسكالين Mescaline
والفنيل سيكليدين (PCP) وصبار البيوتل Peyotel الذي يحوي
الموسكارين.
و- المذيبات الطيارة:
مثل الصموغ والكيروسين (زيت الكاز) والطولوين Toluene ومشتقات البترول والحلالات الهوائية ِaerosols والكلوروفورم وغازات الولاعات والطلاءات اللماعة (ا لورنيش).
ز- العقاقير الأ.....:
وهي عديدة جدا منها: التبغ والبتلة Betel ونخيل الفوفل Areca والقات KAT وأوراق الكوكا Coca والقهوة والشاي والمتة وجوزة االطيب.
ومن الجدير بالذكر أن قائمة المخدرات لم تغلق ولن تغلق ما دامت الصناعة الكيميائية تطرح من وقت لآخر عشرات المركبات التي تتجلى فيها بعض الخواص النفسية أو قد تؤدي للإذعان والسيطرة.
تأثيرات المخدرات على جسم الإنسان:
يصاب البدن بآفات متعددة ومختلفة، وقد لا يخلو عضو من أذية عميقة أو سطحية تبعا لنوع المخدر المستعمل ومدة الإدمان. ويمكننا أن نلخص في الجدول التالي أهم الإصابات التي يتعرض لها المدمنون.
أولا- الجلد والمخاطيات:
ا- ندبات ناجمة عن تكرر الحقن الوريدية.
2- تلون الأوردة في: المرفق- الساعد- الفخذ- الساق.
3- انتباج (تورم) الأوردة وتصلبها (بطول قد يصل إلى 20 سم أحيانا).
4- ندبات ناجمة عن تكرار الحقن تحت الجلد:
- دبات التهابية- متلونة أحيانا.
- انكماش الجلد وضموره.
5- احتراق الجلد بأعقاب السجائر المشتعلة خاصة في اليد والرقبة).
6- الوشم: وهو علامة التعارف بين المدمنين.
7- إحمرار الجلد التحسسي الناجم عن تحرر الهيستمين بعد استعمال: الهيروثين أو الكودئين أو الكينين أو الباربتيورات.
8- اصفرار المخاطيات (شحوب) ناجم عن فقر الدم- نقص الحديد- انحلال الدم- التبرع بالدم مقابل وجبة ا الطعام المجانية.
9- التهاب الشبكية (ناجم عن تكرر تناول البهارات).
ثانيا- العقد اللمفية:
أ- ضخامة العقد في: الكتف- الرقبة- الإبط.
2- اضطراب الكريات البيضاء اللمفية.
ثالثا - الأطراف:
ا- آفات في الأطراف ناجمة عن التهاب موضع الحقن.
2- التهاب في الشرايين يؤدي إلى اختفاء النبض نتيجة الحقن.
3- وذمات في الأطراف العلوية والسفلية ناجمة عن الحقن
الوريدية المتكررة.
رابعا- الرأس والعنق:
1ـ العينان:
1- ارتعاش واهتزاز ناجم عن الهيروئين.
2- اصفرار الملتحمة ناجم عن التهاب الكبد.
3- انقباض الحدقة ناجم عن الأفيونات.
4- اتساع الحدقة ناجم عن تعاطي ال (LSD ) والحشيش
والأمافيتامين والآتروبين.
2- الأذنان:
ا- طنين ناجم عن تعاطي المنومات أو الأسبرين (أحيانا).
3- الأنف
1- انثقاب الحجاب الأنفي ناجم عن استعمال الكوكائين.
4- الفم:
ا- الأسنان بحالة سيئة.
2- المضغ صعب ناجم عن الأمفيتامين.
5- العنق:
أ- إصابة الوريد الوداجي بندبات اصطباغية.
2- اضطراب وظيفة الغدة الدرقية.
خامسا - القلب:
1- التهاب شغاف القلب: ناجم عن الإصابة بالمكورات العنقودية والعقدية والعصيات الكولونية والمكورات الرشوية والمبيضات.
2- إصابة الصمامات القلبية (نصف الحالات).
3- قصور الشريان الأبهر.
4- ارتفاع الضغط الرئوي (وجود خثرات دموية).
د- قصور القلب الأيمن والأيسر.
6- اضطراب النظم القلبي.
سادسا- الرئتان:
أ- ارتفاع الضغط الرئوي، ناتج عن تشكل خثرات صغيرة بسبب الشوائب في العقاقير (منومات- بابيتورات)، غش الهيروئين.
2- الخمج (الالتهاب) الرئوي: ناجم عن المكورات الرئوية والعصيات السلية- وقد يكون مرافقا للآفات القلبية.
3- الربو Asthme:
1- لدى الأشخاص المتوقفين عن تعاطي المخدر.
2- لدى استعمال مضادات الهيستامين.
3- تعاطي المورفين والهيروئين يؤدي إلى تخرش العصب الرئوي المعدي وانتفاضات قلبية نتيجة لتحرر الهيستامين.
4- الوذمة الرئوية Oedeme: وهناك تافسيرات متعددة:
أ- قصور قلبي حاد بسبب شوائب الكينين.
2- ارتفاع الضغط الشرياني الرئوي (خثرات صغيرة).
3- الموت. وينجم عن نقص الأوكسجين بسبب تخرش البصلة من جراء استعمال كميات كبيرة من المورفين أو الهيروئين.
سابعا- الجهاز البولي التناسلي:
1- الكليتان:
1- قصور كلوي يؤدي إلى التهاب الأنابيب الحاد.
2- التهاب الكبب الكلوية المزمن.
2- الحالبان.
ا- آلام شديدة مشابهة للنوبات الحصوية ناجمة عن النقص والحاجة إلى المخدر.
3- الجهـاز التناسلي
1- الرجل. عجز جنسي- عقم- قذف مبكر.
2- المرأة: نقص الشهوةLibido .
3- الجنسان: انتشار الداء الإفرنجي (الزهري) بسبب البغاء.
4- استعمال ال LSD يؤدي إلى تشوه المورثات الناجم
عن التهاب الكبد الإنتاني.
4- الشرج: بواسير نزفية بسبب:
أ- إخفاء العقاقير في الشرج (التهريب).
2- اللواط.
ثامنا - الأحشاء Abdomen:
1- الكبد:
1- التتهاب إنتاني 30% متطور.
2- ضخامة الكبد (15 سم).
3- اضطراب وظائف الكبد (مخبربا).
4- آفات الكبد التي قد تؤدي إلى الموت في أقل من (3) سنوات.
2- الطحال: ضخامة تؤدي إلي:
ا- التهاب الكبد النشط.
2- خمج الدم Septicemia.
3- ارتفاع الضغط في وريد الباب.
3- المعثكلة (البانكرياس):
ا- التهاب المعثكلة المزمن (آلام شديدة).
2- تعاطي المورفين يؤدي إلي اضطراب عمل
الأنسولين
4- الحويصل الصفراوي:
ا- التهاب حاد مرافق أحيانا لالتهاب الكبد.
2- أحيانا الادعاء الكاذب بوجود التهاب الحويصل
لطلب المسكنات من الطبيب.
5- القرحة المعدية:
1- نادرة وغير ناشئة عن الإدمان.
2- يلاحظ أحيانا نقص في الحموضة المعدية العامة
والحرة.
3- آلام معدية كاذبة أحيانا للتزود بالمسكنات.
تاسعا- الاضطرابات العصبية:
1- آفات عصبية محيطية (عرضية).
2- آفات اضطرابية ناجمة عن التهاب السحايا- أو الخثرات الدماغية- أو التهاب الدماغ.
3- نوبات صرعية: كثيرة المشاهدة بسبب الاستعباد للعقار (مهدىء- مخدر) وخاصة بعد (8) أيام من الاستعباد.
4- نويات تكززية: ناجمة عن بعض الحقن.
5- نوبات صرعية لدى أطفال الأمهات المدمنات (استعمال المنومات والمسكنات).
عاشرا- نقص المناعة المكتسبة (الأيدز AIDS):
وهو الخطر المرضي المعاصر الذي انتشر في الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا، وشرق آسيا ولم تنج منه بعض البلاد العربية، ويعتبر تعاطي المخدرات من أهم الوسائل التي تساعد على انتقال الحمة الراشحة من المصاب إلى الآخرين.