كريدي نت
الجنس : جنسيتك : سورية المزاج : مسهل عدد المساهمات : 526 معدل النشاط : 1562 تاريخ التسجيل : 21/10/2010 العمر : 29
| موضوع: الانتفاضة و التتار الجدد 2 2010-11-10, 07:58 | |
| ولذلك يدرك القادة أن هذا أشد على أي جيش من هزيمة حقيقية بمعنى أن مقتل ألف جندي في معركة هو خير من تمرد مثل هذا العدد أو نصفه الأمر الذي يعدي بقية الجيش بالداء الذي لا دواء له. والحقيقة أن ما يحدث في الجيش اليهودي ما هو إلا مظهر من مظاهر الوهن الذي ضرب قلوب الأمة كلها، والهجرة المضادة مظهر ثانٍ وتهريب رؤوس الأموال مظهر ثالث، وإخلاء المستوطنات مظهر رابع، وانتشار الأمراض العقلية مظهر خامس وهكذا مما يجعل كل مظهر منها بحاجة إلى الحديث عنه ولذلك فلا غرابة أن يربط المعلقون والكتاب اليهود بين بيان رفض الخدمة وبين بداية النهاية للدولة !! ومن أقرب المظاهر إلى رفض الخدمة مظهر التهرب منها بالتمارض أو التأجيل أو غيرها من الحيل التي يجيدها اليهود. وكذلك قلة الإقبال على الدخول في الأكاديميات العسكرية حتى أن بعضها قد أقفل، ولم تجد العقوبات العسكرية شيئا بل ارتفع عدد الموُقَفين من المتهربين من الخدمة من 600 في أول عام 2002 إلى ألف بعد عشرة شهور. وهذه الحال من الرفض اشد بكثير من سابقتها التي أدت إلى الانسحاب من جنوب لبنان، ولكن الخيار هذه المرة معدوم لأنه يعني الاستسلام أو الرحيل !! إن اجتماع هذه المظاهر يؤكد أن الانتفاضة المباركة أدخلت الدولة اليهودية في حالة من الرعب الدائم، وإن إدراك حقيقة هذا الوهن يفسّر هروب المستوطنين مع كل ما يحاطون به من التحصينات الهائلة، هذا مع أن البالغين منهم هم من المتدربين والمجندين. بل إنه يفسر المنظر المتكرر الذي يثير عجب كل مشاهد في العالم وهو اندحار الدبابات وأشباهها أمام المقلاع والهراوة !! وقد شاهد كثيرون هلع شارون وهو يصرخ في وجه " موفاز " عندما ارتقى فتى مؤمن دبابة يهودية وكاد أن يسوقها غنيمة للمجاهدين. لقد حاول الإعلام اليهودي تعليل هذه الظاهرة الغريبة، فقالت جريدة معاريف " إن حياة الجنود في الدبابات جحيم لا يُطاق، فالأوامر الصادرة لهم تتضمن البقاء داخل الدبابة طوال الفترة المحددة لهم دون الخروج منها، بل إنه صدرت أوامر لهم تحظر عليهم حتى النظر من فوهات الدبابة خوفاً من تعرضهم لرصاصات طائشة تأتيهم من المناطق المحاصرة. كما لا يستطيع الجنود الخروج من الدبابة لقضاء حاجتهم كالذهاب إلى مرحاض أو إلى حمام، وذلك خوفاً من تعرضهم لقناص فلسطيني ينتظر خروجهم من الدبابة. وأوضح التقرير أن الجلوس لفترة طويلة داخل دبابة مع الشعور بالخوف من المحيط الذي توجد فيه الدبابة يجعل الجنود في قلق دائم بحيث ينتظر الجندي بفارغ الصبر انتهاء ورديته للخلاص من هذا الجحيم الذي لا يُطاق. وأضاف التقرير أن وجود الجنود داخل الدبابة واحتكاكهم طوال الوقت بعضهم مع البعض يسبِّب مضايقات لهم حتى إن نفسية الجنود أصبحت منهارة، وأصبحت العلاقة بينهم تتسم بالمشاحنات والمشاجرات، هذا إلى جانب الملل والضجر الشديدين". وفي عدد آخر ضربت معاريف مثالا لهذه الحالة النفسية بما حدث في مستوطنة الحمراء، فقد اقتحم أحد المجاهدين المستوطنة وقتل وجرح حوالي 10 من اليهود، على مشهد من الحرس الذين بلغ بهم الذعر إلى حد الوجوم والعجز عن الكلام وعن التبليغ عن الهجوم، أما الجنود الذين هاجمهم المجاهد فقد فروا واعترف أحدهم بصراحة بالغة "حين بدأ القتال اختبأت تحت السيارة " وأشد من ذلك حالة حاجز عوفرا، حين قتل المجاهد عشرة من اليهود ومضى بأمان مع أن سبعة منهم جنود بكامل عتادهم !! تأتي هذه الأمثلة وهي كثيرة جدا تصديقا لما توقعه الخبير اليهودي المشار إليه فقد قرر أن اليهود تحولوا إلى مجموعة من الجبناء والتعساء، بل من البكائين والنواحين على حد تعبيره يقول في بقية كلامه: " والدليل الأول على ذلك كان في حرب الخليج، لقد كانت هذه أول حرب في التاريخ يقتل فيها الناس من جراء الخوف أكثر من عمليات العدو (يعني الصواريخ العراقية) وكان فيها مصابون نفسيا أكثر بثلاث مرات من المصابين جسديا، وكذلك اليوم ففي كل مرة تكون إصابات فإنك تسمع عن 100مصاب منهم ثمانون مصابون بالخوف " ويالها من نسبة !! إنها تعني أنه عند كل عملية صغيرة أو كبيرة يكون المصابون بالهلع والانهيار أو ما يسمى " الصدمة " أربعة أضعاف المصابين جسديا. وهولاء المصابون بالصدمة منهم من يموت فورا ومنهم من يحتاج إلى علاج طويل أو قصير !!
والأمر الذي يجب قوله هنا أن يقظة العقل المؤمن بل مبادرته جعلت الرعب مستمراً وهيأت له الدوافع التي لا تنقطع، ومن ذلك تفجير الدبابة "مركبا 3" التي تعد أكثر الدبابات متانة في العالم وقد أحدث هذا العمل آثارا مادية ومعنوية كبيرة، فالتقارير المنقولة آنفا مكتوبة قبل حدوث هذه المفاجأة وعليه نقول: ما الظن بالجندي اليهودي الذي كان يرى الحياة في الدبابة جحيما لا يطاق حين يراها فعلا تنفلق وتشتعل في جحيم حقيقي !! وقد دلت البيانات اليهودية على هذا الرعب بدقة الأرقام فنشرت جريدة إيديعوت إحرونوت: أن معدلات الخوف بين المستوطنين كانت 57% في مطلع شهر أكتوبر 2001 ثم بلغت 68% في منتصف الشهر ثم بلغت 78% في مطلع الشهر التالي !! وقد تحولت المستشفيات اليهودية إلى معامل بحث لدراسة هذه الظواهر الغريبة التي لا تكاد توجد لدى الطرف الآخر الأضعف ماديا ومنها ما ذكر الخبير كرفيلد من الموت أو المرض بالرعب وحده !! ويقول دبلوماسي يهودي في أمريكا :- " أوضحت الانتفاضة جهلنا بالعرب وعدم معرفتنا بمدى مقاومتهم وتضحياتهم..، كما كشفت عن ضعفنا المعنوي، مع أننا نملك أقوى جيش في المنطقة " وضرب مثالا للروح المنهارة: "بأن مجرد دخول جريح جديد إلى المستشفى يؤثر على أحوال المعالجين من قبل، الأمر الذي أدى إلى تكاثر المرضى، بحيث يحشر في الغرفة الواحدة ما بين خمسة إلى ستة" أ.هـ وذكرت البيانات أن الإقبال على العيادات الطبية ارتفع بشكل كبير مع أنهم لا يعانون في الحقيقة من أي مرض عضوي وإنما يعانون من التوتر والضغوط النفسية وأشارت إلى ارتفاع بنسبة 50% في استهلاك المهدئات والمسكنات. وهذا ما دفع وزارة الصحة اليهودية إلى إيجاد خدمة عامة قد تكون فريدة في العالم وهي فتح مراكز استشارات هاتفية للمواطنين المحتاجين للمشورة النفسية !! وقد صور الكاتب "يغآل سارنا" الوضع النفسي العام الذي فرضته الانتفاضة المباركة على الشعب اليهودي قائلا: " ما كان يبدو في البداية كمرض سيهاجم ثم يختفي تحول إلى نمط حياة جديدة، الحارس على باب المطعم، جهاز كشف المعادن الذي يمشط أجسادنا عند المدخل، الرأي الواحد وانتهاء الاختلاف في الرأي " (يديعوت احرنوت 15/1/2002) أما المعلق الشهير "إتيان هابر" فيسخر من فكرة ما سماه "الأرض الموعودة المحمية "ويقول "لقد أصبح عدد الحراس مثل عدد الرمل " (يديعوت احرنوت 18/4/2002) و الأمثلة هنا كثيرة جدا -وقد تأتي لها بقية في الفقرة التالية- فلنكتف بهذا، غير أننا لابد أن نجيب عن إشكال أو تساؤل قد ينشأ هنا وهو إذا كان اليهود يعيشون هذه الحالة فلماذا يزدادون عنفا وشراسة ويفرطون في الانتقام والتشفي يوما بعد يوم ؟ هل لهذا من تعليل أو قاعدة ؟ ونجيب: نعم إن القاعدة التي يدل عليها كتاب الله وواقع الكائنات الحية فضلا عن تاريخ اليهود هو " أن الوحشية في الانتقام والعنف المفرط هما دليل واضح على بلوغ مرحلة اليأس التي تسبق عادة مرحلة الاستسلام أو الموت لدى الكائنات الحية " والطواغيت حين يتصرفون بغريزة حب البقاء، ويتعامون عن الإقرار بالهزيمة، يلجأون في مرحلة اليأس إلى استنفار كل الطاقة والضرب بها في كل اتجاه بلا تفكير ولا هوادة، كما تفعل الوحوش أو الطيور إذا حشرت في زاوية، لكن ذلك يعقبه عادة النهاية المحتومة !! هكذا بطش صاحب الأخدود وفرعون وهكذا يفعل شارون وجنوده الآن، فماذا تظنون بجندي يخاف أن تقتحم عليه رصاصة المجاهد من فوهة الدبابة ألا تتوقعون أن يضرب بها يمنة ويسرة: الناس و البيوت و الشجر وكل شيء أمامه؟ !! إن هذه الحالة المشاهدة تؤكد حقيقة الرعب الداخلي ولا تدل على شيء من الثقة!!
القاعدة الخامسة ( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ) [البقرة: الآية61] يضرب بعض الرواة مثلا للوهن الذي أصاب المسلمين حين قدوم التتار في القرن السابع الهجري بأن التتاري الأعزل كان يمر ببعضهم فيقول انتظروا هنا حتى آتي، ثم يذهب فيأتي بالسيف فيضرب أعناقهم.. ولا ندري ما حقيقة ذلك واقعيا، لكن لا يبعد أن يقع بعض حالات، أما أن يصبح ظاهرة عامة ومرضاً قومياً فهذا ما وقع لليهود بعد الانتفاضة. يقول أحد الكتاب اليهود " لا يوجد ملاذ في هذه البلاد، الأعصاب متوترة لدى الجميع ووصلت لدى البعض إلى حد الانفجار، وفوق ذلك سيطرت على الجميع سلبية غريبة، الناس ينظرون إلى حمام الدم اليومي كقدر لا مفر منه، تماما مثلما ينظر المنكوبين في بنغلاديش إلى الفيضانات! يخرج الجميع من أعمالهم ليفتحوا الإذاعة التي تحولت إلى قائمة بإعلانات الجنائز، فإذا دخلوا بيوتهم أغلقوا الأبواب واحتفظوا بأولادهم قريبا جدا منهم " لقد حدث هذا كما علل كثير من الكتاب نتيجة فقد الثقة في الجيش أو في الحكومة أو في النفس أيضا. فبينما كانت نسبة ثقتهم في الحكومة عام 1996 60% انخفضت إلى 37% عام 2002 وانخفضت الثقة في البرلمان = الكنيست من 62% إلى 25% وفي الأحزاب من 36% إلى 16%. عندما يسطر الرعب على النفوس تظهر السلبية القاتلة. يقول أحد كتاب معاريف: " إن أخطر ما في الأمر هو ذلك الإحساس العام بأنه لا أحد في البيت وأن السفينة تهتز في بحر عاصف وأنه لم تعد لدى قبطان السفينة أية أفكار أ..... لا في الميدان السياسي ولا في الميدان الاقتصادي ولا الاجتماعي " وثمة شعور عميق بفقدان الاتجاه فشارون ليس لديه تكتيك إلا المبدأ الساذج أن نصمد، ألاّ تطرف لنا عين، أن نقلل الأضرار، وأن نتوحد عندما تقع كارثة، وأن نمضي قدما، لكن إلى أين ؟" وقال آخر في يديعوت أحرونوت: " إن القيادة الإسرائيلية لا تعرف ماذا يجب فعله وهذا الصمت ليس وراءه خطة ونحن لا نعرف أين نسير لأن القادة أنفسهم لا يعرفون". وفيها يقول الكاتب "إيتان هابر" واصفا الحياة السياسية في إسرائيل بعد المشكلات الأخيرة بأنها "حياة قذرة" وجاعلا ذلك عنوان مقالته: "دولة إسرائيل تواجه إحدى ساعاتها الصعبة. إننا نعيش حياة قذرة" وفيه: "أمام المخاطر الكيانية الملموسة، أمام مسائل الحياة والموت، أمام الحاجة الماسة إلى مجموعة اليهود العباقرة والحكماء وأصحاب التجربة الكبيرة والأكثر نجاحا في العالم – فإننا ننتخب من يوزعون النقانق والكاتشوب والخردل للناخبين.إننا نستحق هذه النقانق" (يديعوت احرنوت 11/12/2002) وهنا يأتي أيضا دور علماء النفس ليعبروا عن هذه الحالة من الخور وفقدان الإرادة. وقد نشرت كل من هآرتس وبنئيم (عدد 17 صيف 2001) عن ظاهرة يسميها علماء النفس ظاهرة "العجز المكتسب". ولشرح هذه الظاهرة تقول الصحف إنه أجريت تجربة عُرِّض أثناءها .....ان لصدمات كهربائية وأعطي واحد منهما الفرصة للفرار، أما الآخر فقد حُرم منها، فاكتسب الأول حساً سريعاً بتجنب الصدمات الكهربائية من خلال القفز إلى الجهة الآمنة، أما الثاني فقد تكيف تماماً وتقبل الموقف بخنوع، حتى أنه حينما أتيحت له فرصة الهرب في تجربة أ.....، لم يغتنمها. فالعجز المكتسب هو سلوك سلبي ينشأ من الإدراك أن لا وسيلة لتجنب آثار مؤلمة، ومن عدم اليقين بخصوص أي شيء، فهي حالة "إين بريرا" بامتياز. وقد توصل العلماء إلى أن ظاهرة العجز المكتسب في المجتمع الإسرائيلي تنطوي على أخطار كثيرة مثل الشلل من جهة، والتطلع من جهة أ..... إلى حلول سحرية قد تحل كل المشاكل بضربة واحدة. وهذا الاتجاه الأخير أرض خصبة لتطور توق قوي إلى ظهور مسيح دجال، والاستعداد لقبول من يقدم نفسه "كقائد قوي" يمكنه حل المشكلات كافة. (وهذا يفسر ظهور شارون الذي وعدهم بإعادة الأمور إلى نصابها). ومن أطرف المؤشرات على حالة الذعر التي انتابت التجمُّع الصهيوني أنه مع تصاعد الانتفاضة بدأت حالة الذعر تنتاب الكلاب والقطط في المنازل الإسرائيلية، ولذا اقتضى الأمر تقديم المهدئات لها (الفاليم). وقال أطباء بيطريون إن الكلاب تبدأ في النباح وتصبح أكثر عدوانية وترتجف لا إرادياً أو تفقد التحكم في مثانتها عندما تصل أصداء دوي إطلاق النار في الضفة الغربية إلى مباني القدس. وقال بيني سابير، وهو طبيب بيطري في القدس: اليوم فقط عالجت .....اً من نوع السيشن كان قد امتنع عن الطعام ويرفض مغادرة منـزله. وقال طبيب بيطري آخر إنه لم ير مثل هذا العدد من الكلاب المضطربة منذ أمطر العراق تل أبيب بصواريخ سكود خلال حرب الخليج عام 1991. وقال طبيب آخر إن .....ه هو شخصياً يرفض الخروج من المنـزل. إن الناس مصابة بالتوتر ولا يدرون ماذا يفعلون وعلى مَنْ يلقون باللوم، الناس متوترة وكذلك حيواناتها. (BBC ويديعوت أحرونوت 6/3/2002). ومن أصدق ما يعبر عن هذه الحالة ما كتبه " إيتان هابر " وهو معلق سياسي بارز وكان أمينا خاصا لمكتب إسحاق شامير، حين كتب مقالا في شكل سؤال " ما الوضع " ووصف الوضع في إسرائيل بأنه: "مثل بطل تلك الميثولوجيا، سيزيف، الذي كان يدحرج، بعناء كبير، صخرة نحو قمة الجبل، فتعود لتتدحرج، مرة بعد أ.....، على المنحدر، هكذا هو الجيش الإسرائيلي، الذي خرج، هذا الأسبوع، في "حملة متدحرجة": الجميع يعرف أنه بعد يوم، أسبوع، شهر، أو سنة من تدمير وسحق "قواعد الإرهاب"، سيعود الإرهاب الفلسطيني إلى المقاهي ومحطات الباصات ". (يديعوت احرنوت 2/4/2002) ولا يتردد الكاتب نفسه في وصف إسرائيل بأنها "دولة مجذومة" يمقتها العالم كله ما عدا أمريكا ويؤكد أنه حتى أمريكا لابد أن تغير موقفها يوما ما. (16/1/2002) وليس هناك ما يفسر هذا العجز والهوان – الذي سبقت الشواهد عليه في هذه الفقرة وما قبلها - بأصدق [آل عمران:( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا )من قوله تعالى الآية112]
وهنا أيضا لابد أن نجيب على إشكال قد ينشأ، وهو أننا نشاهد العدو يطور خططه، ويغير في أساليبه: من الحواجز وفتح الطرق الالتفافية حول المستوطنات، إلى بناء الجدار الواقي إلى الاجتياح، وأخيرا إلى التهجير فكيف يتفق هذا مع ما تقدم من دلائل العجز والإحباط هل لذلك من قاعدة أو تعليل ؟ ونجيب أيضا نعم: هناك قاعدة يدل عليها كتاب الله وواقع الأمم الطاغية قديما وحديثا وهي: " أن القوى الطاغية حين تصدمها قوة الحق ترفض الاعتراف بالضعف لكن هذا الاعتراف يأتي ضمنا في إعلانها عن البدائل التي تلجأ إليها للخداع النفسي والهروب من الحقيقة " هكذا فعل فرعون حين أسقط في يده فقد لجأ إلى الإيهام ببناء غير معقول فقال: يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ) مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ [القصص:الآية38](الْكَاذِبِينَ وهذا منهج مراوغ للتعبير عن الحالة التي قد سَآوي إِلَى جَبَلٍ)تكون وهما كما هو حال ابن نوح عليه السلام حين قال [هود:الآية43] وقد تكون في حيز الإمكان كما قال قوم(يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي)إبراهيم عليه السلام حين أفحمهم بالحجة [الصافات:الآية97] وفي هذه الحالة يشتغل الرأي العام بالمشروع وإمكانية(الْجَحِيمِ تنفيذه عن القضية الأصلية مما يجعل الطاغوت يبحث في الوقت الضائع عن مشروع آخر .. إن هذه المشروعات الشارونية تتعرض للنقد اللاذع وقد اشترك في نقدها- مع حزب العمل- أحزاب ومفكرون وكتاب كثير ولم يخرج تشخيصهم للحالة عما ذكرنا: ونعود للخبير اليهودي المذكور الذي يعلق على خطة شارون عن المناطق الفاصلة قائلا: " هذا هَبَل! إن هذه الدولة صغيرة لا يمكن أن تبني فيها مناطق فاصلة، إن المناطق الفاصلة هي محاولة إنشاء جدار ولكنه ليس بجدار حقيقي، أو سور ولكنه ليس بسور، إنهم يخربون عقولنا منذ زمن بعيد، مرة يطرحون فكرة الفصل من طرف واحد، وأ..... إنشاء خط حدودي، وثالثة: عوائق، كل هذا لا ينفع " !! والعجيب أن الحل عند هذا الخبير لا يخرج عن السياق نفسه فقد اقترح هو أن يبني اليهود سورا كبيرا مثل سور برلين بل أكبر وأعلى حتى أن الطير لا يمكنها أن تطير من فوقه كما قال !! وحينما يواجَه بالقول بأن هذا يعني التخلي عن مدينة القدس القديمة يقول: " إن لم يكن لنا خيار فإنني سأتنازل عنها تماما فالحياة أكثر قداسة من الأماكن المقدسة " وإذا قورن كلام هذا الخبير الكبير عندهم بحال أهل الأرض المباركة، الذين يتسابقون إلى الشهادة من أجل إنقاذ المسجد الأقصى، تبين الفرق بين من هم أحرص الناس على حياة، ولو كانت ذليلة مهينة، وبين من يشتاقون للجنة، ويعظمون ما عظم الله من حرمات وشعائر ومقدسات. وقد عبر كاتب آخر بأن هذا المشروع " الجدار" هو مع إخفاقه في تحقيق الأمن رجوع للجيتو اليهودي القديم. وقد جاءت أعمال شارون لتؤيد ما قاله هؤلاء عن بؤس الحال وقلة الخيارات، ففي كل مرة تقع عملية استشهادية أو يقتل عدد من اليهود، ينطلق شارون لمحاصرة عرفات الذي لا يملك شيئا، وهذا ما جعله موضع سخرية الإعلام اليهودي، الذي يعلن بعد كل عملية: نحن نعلم كيف يرد شارون، إنه سوف يحاصر عرفات، أو يتوغل في بعض المدن، إنه تكتيك متكرر فاشل لا يحقق إلا مزيدا من الحفز للفلسطينيين !!
القاعدة السادسة: وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لعذبهم في الدنيا) [الحشر:الآية3](ولهم في الآخرة عذاب النار
"عندما يرتد العدو عن عقيدته التي من أجلها جاء و قاتل فإن ذلك يعني أن الهزيمة النفسية لديه قد بلغت النهاية" والردة هنا ليست تعبيرا مجازيا، بل هي حقيقة دينية عند الصهاينة، فهم يسمون العودة من أرض الميعاد ردة، وهي كذلك إذا علمنا أن الهجرة إلى أرض الميعاد، هي الأُسطورة التي بنيت عليها العقيدة الصهيونية كلها، واليهودي يعبر عن إيمانه بقدر حبه لهذه الأرض، و حنينه الدائم إليها، ليس لمجرد أنها الأرض المباركة التي اختصهم الله بها - كما يدعون- بل لأنها أيضا تفيض لبنا و عسلا كما جاء في التوراة. ومن هنا لاحظ المراقبون أن الدولة اليهودية بكل فئاتها تحاول التعمية أو التحفظ على أرقام المهاجرين منها، مثلما تفعل بالنسبة لأرقام القتلى و الجرحى أو أكثر. لقد كان الخوف من تكاثر العرب -الذي يقلب ميزان التوازن السكاني فيها- هو أكبر المشكلات، وقديما قالت جولدا مائير: "إن الفلسطينيين يتكاثرون كما تتكاثر الأرانب" حتى جاءت الانتفاضة المباركة فأصبحت تلك المشكلة بمثابة الطامة الكبرى! كان اليهود يتوقعون وفقا ًلمعدلات النمو السكاني أن يصبحوا عام 2020 أقلية بين العرب وكان ذلك يفزعهم، وينذر بمصير مشئوم لدولتهم، حين نشروا ذلك قبيل اشتعال الانتفاضة. وهذا التشاؤم في محله لأن عشرين سنة في عمر الأمم ليست شيئا مذكورا، أما الآن فالوضع لم يعد يحتمل بل هو مخيف للغاية، فالانتفاضة أوجبت خفض الأرقام والتقديرات لكي تكون النهاية أقرب بكثير، قد يكون عام 2010مثلاً، وهذا كابوس مرعب لا يطيقون مجرد التفكير فيه، فماذا تقول لغة الأرقام ؟ يبلغ عدد العرب داخل الأرض المحتلة قبل 1967 مليونا وثلاثمائة ألف أول عام 2002، وسيبلغون عام 2020 مليونين ومائة ألف أما سكان الضفة والقطاع فإن عددهم يزيد سنويا بمقدار 180 ألف نسمة وهي تقارب عدد المستوطنين الذين تجمعوا فيها من اليهود مدة 34 عاما فهم يقدرون بحوالي 200,000 مستوطن أنفقت الدولة عليهم مليارات الدولارات ، غير الخسائر البشرية !! وبعد اشتعال الانتفاضة انتشر الرعب في المستوطنات، وبدأت الهجرة إلى داخل ما يسمى الخط الأخضر وأطلقت الصحافة اليهودية لقب " مستوطنات الأشباح " على ذلك العدد الكبير الذي أخلي منها أو كاد، وأورد بعضها أن نسبة المهاجرين منها بلغت 40% أي أن إسرائيل تحتفظ باحتلال الضفة والقطاع، وتتكلف الخسائر الهائلة ماديا وبشريا ومعنويا من أجل 120,000 يهودي فقط هم سكان المستوطنات!! وهذا ما عبر عنه حرفيا أكثر من ناطق من مؤيدي الانسحاب من طرف واحد، والعودة إلى حدود ما قبل الاحتلال ومنهم اليسار كله والمنظمات المؤيدة للسلام. لكن رافضي الانسحاب يردون على ذلك بأن الانتفاضة شملت كل المناطق داخل الخط الأخضر أيضا، وأن الهجرة إلى داخل الخط ما هي إلا تمهيد للرحيل نهائيا عن البلاد، أي الردة. والردة تشمل من كان داخل الخط ومن كان خارجة وهذه هي الكارثة !! جاء في تقرير حديث لوكالة الأنباء الإسرائيلية وعلقت عليه الجرائد أن الحياة في إسرائيل تعطلت أو تدهورت إلا شيئا واحدا فقط وهو السفر للخارج فقد بلغ عدد المسافرين سنة 2002 ثلاثة ملايين و600,000 . (طبيعي أن يعود أكثرهم لكن من سيبقون كثير ). وهذا يؤكد ما قاله مراقبون غربيون من أن المهاجرين المرتدين بلغوا في السنة والنصف الأولى من الانتفاضة مليون مرتد !! والأرقام الرسمية تعترف بـ 600,000فقط !! لكن بعض الجرائد اليهودية مثل معاريف ترجح المليون. على أن للمشكلة مضاعفات أ..... تتمثل في أمور:- • أن الانتفاضة لم تؤد فقط إلى هجرة من الداخل بل هبطت بنسبة المهاجرين إلى الأرض المحتلة من الخارج إلى أدنى مستوياتها. والمثال الواضح لذلك هم اليهود المهاجرون من الإتحاد السوفيتي المتفكك الذين كانت الدولة اليهودية تعتبرهم أكبر مدد لها خلال عقد كامل فقد بلغت نسبة انخفاض عددهم بعد الانتفاضة 77% لقد استمعوا إلى نصائح من هاجر قبلهم الذين حذروهم من الخوف والتمييز العنصري أيضا، وأخذت أنظارهم تتجه نحو أمريكا فهناك فرص الأمن والرخاء أكثر كما عبر بعضهم، وإذا كان عام 2001هو الأسوأ باعترافهم – في تاريخ الهجرة اليهودية إلى إسرائيل فإن يديعوت احرنوت قد ذكرت أن عام 2002 اسوأ منه حيث هبط عدد المهاجرين إلى إسرائيل فيه بنسبة 23% مقارنة بعام 2001!! • أن كثيرا من الإسرائيليين يحملون جنسيات مزدوجة فالأستاذ بجامعة بن جوريون آلون غال يقول: "إن إسرائيل مزبلة ليهود أمريكا وهناك أكثر من 600,000 ممن يحمل الجنسية الإسرائيلية يعيشون في أمريكا مع أنهم معدودون ضمن المواطنين الإسرائيليين منهم 200,000 في نيويورك وحدها " • قال أحد المعلقين الغربيين "إن إسرائيل تنضم إلى الإتحاد الأوربي لا كدولة ولكن كأفراد "وهذا ما دفع الكنيسة إلى اقتراح مشروع ضريبة على الإسرائيلي الذي يقيم خارج إسرائيل حتى إذا عاد رفعت عنه ( هذا المشروع طرح في رمضان الماضي ) وهناك مناظرة طريفة نشرها أحد المواقع الإعلامية اليهودية بين يهوديين أحدهما أمريكي والآخر إسرائيلي هاجر إلى أمريكا: قال الأول الأمريكي: لماذا تعودون إلى هنا ونحن ندفع لكم الدولارات يوميا؟ فقال الآخر: أنا خدمت في الجيش والآن جاء دوركم اذهبوا إلى هناك ونحن نعدكم أن ندفع لكم !! • مما يضاعف المشكلة أن المهاجرين هم من الطبقة المثقفة والغنية، وعلى ذلك تعلق هآرتس قائلة: " إن هجرة مليون يهودي غني أمر متوقع" وتشير إلى أنه إذا غادر هؤلاء بأموالهم وذهب كذلك أصحاب الخبرات والمهن الراقية "فلن يبقى في البلاد إلا العمال والفقراء والمجندين وتتحول إسرائيل إلى دولة من العالم الثالث". ومما يؤيد ذلك أن المسؤولين أنفسهم ومنهم الوزراء وقادة الجيش يبعثون أبناءهم وعائلاتهم ليعيشوا خارج البلاد ولا سيما في أمريكا. ويذكر الإعلام اليهودي نماذج لهؤلاء فمنهم مثلا: يوفال بن اسحاق رابين، وأوريت حفيدة مناحيم بيجن، وتالي بنت بنيامين إليعازر، وميكال بنت إيهود باراك، وأرييل ابن الوزير روني ميلو، إيجال ابن موشيه أرينـز، وأخيراً حفيدة العالم المشهور اينشتاين التي هاجرت قبل أقل من شهر، وقالت في مقابلة مع جريدة جورشاليم بوست: " إن واقع هذه البلاد يختلف تماما عما كانت تعتقد ولهذا لابد من أن نهاجر " !! وتعلق الجريدة على هذا قائلة: " أكثر الإسرائيليين فقدوا الأمل في المستقبل " أما في هآرتس فقد أوجز المسألة في شكل تساؤل: " في أي دولة في العالم يقتل اليهود يوميا إلا هذه الدولة "؟! أي أن الهجرة إلى أي بلد في العالم هي أفضل من البقاء، وهذه الحقيقة لم تعد حكرا على فئة من المراقبين، بل تحولت إلى حجة قضائية لدى دول بعيدة، فقد ارتد أحد المهاجرين الأرجنتينيين، واختطف ابنه وهرب به معه إلى بلده الأول، وحينما رفعت الأم التي بقيت في إسرائيل قضية ضده مطالبة بابنها، حكمت المحاكم الأرجنتينية عليها بحجة أن إسرائيل بلد غير آمن. إن كل متابع للأزمة اليهودية يجد أن هذه الدولة تعيش أزمة وجود وليس أزمة ضعف أو قوة، فالخيارات في نفسها متناقضة، ولا يوجد حل حقيقي لا عند المطالبين بالانسحاب والتخلي عن المستوطنات كلية. ولا عند المطالبين بالاحتفاظ بها، والالتفاف على الفلسطينيين بمشروعات مثل الجدار الفاصل، لأن الانتفاضة طعنت في العمق في القلب ذاته، وتهدد الكيان في أصل وجوده، فالذين يطالبون بالانسحاب من طرف واحد يقولون " إن السلام والأمن لستة ملايين إسرائيلي وثلاثة ملايين فلسطيني هو الآن رهينة لأمن 300 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة وغزة " وهذا حق ولكن هل نقل كل المستوطنين مع التحفظ على الرقم إلى داخل المناطق المحتلة سنة 1948 يحل المشكلة الأمنية ؟ أعتقد بكل ثقة أنه لا أحد يوقن بهذا لا من هؤلاء ولا من هؤلاء. ولو رجعنا إلى كبير الأطباء النفسيين في الجيش اليهودي لوجدنا تعليلا نفسيا لهذا الجدل والتناقض الدائرين في حلقة مفرغة، يقول "روبن غال": "إن حدة الاختلاف في القرارات السياسية هي مجرد تعبير خارجي للتوتر والخوف والقلق الداخلي " ويقول " لم نشهد مثل هذا الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي من قبل هناك من يريد قتل جميع الفلسطينيين! وهناك من يرى التخلي لهم عن الأرض بلا شروط! " ويضيف " مع أن الكلام حول السياسة عادة ممنوع أثناء العلاج النفسي لكن هنا في إسرائيل أصبح من المألوف أن المعالج لابد له من الحديث مع المريض ويسأله هل ترى هناك من أملٍ في نهاية المطاف ؟! إن الطبيب يفعل ذلك لأنه لم يعد بالإمكان الفصل بين الوضع والتوتر الشخصي الخاص " وهذا ما عبرت عنه إحدى استطلاعات الرأي في "معاريف" التي وصفت الوضع العام في الدولة اليهودية بأنه "في حالة ارتباك شديد وحيرة تزداد تعاظما فالجمهور يتراكض بذعر من هنا إلى هناك وهو على استعداد للإمساك بكل قشة تقع في طريقه من أجل محاولة التخلص من هذا الوضع، حتى لو كان يقول الشيء ونقيضه فهو يريد هذا وذاك، الفصل من طرف واحد والتوصل إلى اتفاق، الحوار مع القيادة الفلسطينية وكذلك تدميرها، والتحاور مع العرب في المناطق المحتلة وأيضا طردهم إلى الدول العربية المجاورة " أما في يديعوت احرنوت فيكتب "إيتان هابر " عن القضية بأسلوبه الخاص بعنوان " كيف سنخرج من هنا " فيقول: "لقد سحقنا حتى النهاية، إنها قصة ذلك اليهودي الذي راهن صديقه على الدخول بسلام والخروج بسلام من قفص الأسود. فدخل، وعندما كشر الأسد أمامه عن أنيابه، رسم بإصبعيه علامة النصر. - "لماذا ترسم علامة النصر"؟ سأله اليهودي الواقف في الخارج، مرتعباً مما يراه. - "أي نصر؟"، صرخ اليهودي المتواجد داخل القفص، أنا أسأل فقط، كيف يمكن الخروج من هنا؟ "الجيش الإسرائيلي الكبير سيحقق النصر الكبير، وإذا لم يحتل نابلس وغزة وجنين وخان يونس اليوم، فسيحقق ذلك غداً. كيف نعرف أن الجيش الإسرائيلي يدرك كيف يفعل ذلك بأفضل شكل في العالم؟ لقد سبق له القيام بذلك، لقد احتل هذه الأماكن قبل 35 عاماً – وطوال الوقت تساءل جنوده وتساءل المواطنون: كيف سنخرج من هنا؟. حسب كل الاستطلاعات التي جرت مؤخراً، فإن الارتباك بين أوساط المدنيين الإسرائيليين كبير: غالبية المستطلعين يطمحون إلى "توجيه ضربة" إلى الفلسطينيين، إلى القتل والطرد والهدم، ويوافق غالبيتهم على إخلاء مستوطنات وإقامة دولة فلسطينية. كيف يمكن ذلك؟ في دولة العجائب والأنبياء يمكن حدوث كل شيء. في الوضعين الأمني والسياسي العاصفين حالياً، تبرز بالأساس، مجموعتان، (مجموعة) علامات التعجب المتطرفة. التي لم تتعلم في أي مدرسة معنى علامات الاستفهام.( التي هي رمز المجموعة الثانية ) وتضم المجموعة الأولى جانباً كبيراً من اليمين، بما في ذلك اليمين المكنى متطرفاً أو متزمتاً. إنها تدعي منذ سنوات كثيرة":كلها لي"، وخلال السنوات الـ35 الأخيرة قامت بعمل كل ما يمكن من اجل تطبيق ملكيتها لأرض إسرائيل. بالنسبة للكثيرين منهم لا وجود للقضية الفلسطينية، لا وجود لثلاثة ملايين فلسطيني. إنهم يعتبرون الفلسطينيين غصناً تتقاذفه الرياح، ويجب، فقط، تفعيل المروحية كي يتطايروا في كل جهة... المجموعة الثانية التي لا تعرف ولا تريد السؤال، هي تلك المجموعة التي تعيش في إطار اليسار الأكثر احمرارا وتطرفاً. هذه المجموعة تعتبر الإسرائيليين محتلين، مضطهدين، يتدحرجون بين شوارع غزة وأزقة نابلس حاملين السكين بين أسنانهم. هؤلاء يعتبرون الفلسطينيين محقين دائما، بل إن من بينهم من لا تتسبب العمليات الانتحارية بإخراجهم عن أطوارهم. أما المجموعة الثالثة، وهي الأكبر، فهي المجموعة الصامتة والمتألمة، التي تتابع بعيون دامعة المشاهد الدامية من على شاشات التلفزيون، وتتساءل: ماذا سيحدث؟ كيف سنخرج من هذا؟ هذه المجموعة مؤلفة تقريباً، من ملايين المواطنين الإسرائيليين الذين يعرفون جيداً أن الشعور بالعظمة بعد حرب الأيام الستة، تسبب بتخدير الحواجب والعجرفة والصفاقة، وقادنا إلى الوضع الحالي الذي يتحمل مسؤوليته حزب العمل وحزب الليكود وكل من يقف بينهما وإلى جانبهما. إنها المجموعة التي جربت إيهود براك، ووضعت، الآن، أريل شارون في الامتحان. إنها المجموعة التي تطالب بتوجيه ضربة لهم، بالاحتلال، بالاجتثاث، بالتشطير – وبالسماح للفلسطينيين بإقامة دولة من خلال الإدراك بأن ثمن ذلك هو إخلاء الكثير من المستوطنات. إمكانية هذا الإخلاء تصيب هذه المجموعة الضخمة بالجنون، تماماً مثلما تصاب بالجنون عندما تشاهد صور الأولاد الذين لم يرتكبوا خطيئة، والتي تغمر الصفحات الأولى للصحف في هذه الأيام. والمجموعة الثالثة، الكبيرة، تصمت في هذه الأيام، وتبكي فقط، لشدة الحرج". (27/6/2002) وهكذا يظهر أن الهجرة هي إحدى محاولات الخروج من هذا النفق الذي لا نهاية له وأن المشكلة أعمق أن تكون قابلة لهذا الحل أو ذاك لأنها مشكلة تتعلق بالمصير ذاته !! ومن هنا نفقه الظاهرة التي تتعاظم بشكل واضح وهي ظاهرة عبر عنها بعض الإعلاميين العرب خطأ بأنها " يقظة ضمير " ونعني بها المطالبة بالانسحاب إلى داخل الخط الأخضر، والاعتراف للفلسطينيين بما هو خارجه على تعديلات أو اختلافات في التنفيذ، وأهم من ذلك الاعتراف بوحشية الجيش اليهودي والمطالبة بأن يكون متحليا بالرحمة والانضباط !! فمثلا قاد إيهود باراك نفسه حملة الألف ضابط المتقاعدين للمطالبة بالانسحاب من طرف واحد، وجاء في استطلاع " معاريف " أن 70% من المستوطنين يؤيدون ذلك الانسحاب !! ويقول:خر أعرب رئيس هيئة الاستخبارات السابق في الجيش اليهودي أورساجي عن خشيته من أن يتحول الجنود اليهود إلى حيوانات، بعد أن أصيبوا بتبلد المشاعر وتساءل كيف يمكن لمن قذف قنبلة تزن طنا أن ينام الليل الطويل.. ويقول : "علينا أن نقول لأنفسنا أنه ليس كل شيء مباحا وأن ندرس عواقب أفعالنا قبل الإقدام عليها " كما يطالب الكاتب الصهيوني "يغآل سارنا" بالحل السملي فورا في مقال بعنوان: "أوقفوا الدماء " قائلا: "من هنا، أيضًا، من داخل النهر الدامي، يمكن العودة إلى الهدوء خلال أسبوع أو شهر. يجب وقف النار، فقط، في هذه اللحظة وتقديم اقتراح. في تلك اللحظة، أو في اللحظة التي ستليها، ستنخفض النار، ومن ثم ستخمد. هذه النار ستختنق إذا لم تزود بوقود الدم، وإلا فإننا سنسير على الطريق إلى جهنم. دم ونار، فولاذ محترق، صرخات الجرحى، لعنات المتبقين، صرخات العطشى، قبضات المتهورين. فوضى، ما أن يخرج هذا للانتقام، حتى يكيل له ذلك بالمكيال نفسه". "وما الذي سنفعله لـ3 أو 4 ملايين فلسطيني؟ هل سنطحنهم ونحطمهم، هل سنحتل ونقتل؟ هل سنكسر ونمزق؟ هل سننتقل من بيت إلى آخر بمناشير فولاذية؟ هل سنشطرهم إلى ألف جزيرة معزولة بين الشوارع الالتفافية؟ هل سنضع حاجزاً محصنًا في ساحة كل منهم؟ لا. يجب فقط وقف الدم، لأننا نحن الأقوياء وبأيادينا كل شيء. لنوقف الدماء، ومن ثم نتفق كيف سنخرج من عظامهم، من ساحاتهم وحقولهم وقراهم، وكيف سيخرجوا هم من عظامنا. ليس بالأباتشي ولا بمناشير الباطون، وإنما حول الطاولة وعلى الكرسي وبالورق. إذا لم يكن الآن، فربما بعد ألف قتيل ". (يديعوت احرنوت 7/3/2002) أما الكاتب "يهودا ليطاني " فيكتب مطالبا بالانسحاب:"من المناسب في مطلع القرن الـ21 التفكير بطرق جديدة لمواصلة ضمان حياة كريمة للشعب اليهودي هنا مقابل ضمان هذا الحق للشعب المجاور من خلال تقليص المس به إلى أقصى حد". ويؤكد أن على اليهود الاعتراف بأن الدولة أصبحت بعد كارثة 67 ( أي احتلال الضفة والقطاع ) ثنائية القومية !! فهل هذه حقا يقظة ضمير ؟ أم هناك قاعدة أو سنة اجتماعية تعلل ذلك ؟ والجواب كما رأينا في كل مرة موجود في كتاب الله، بيّنه الله من حال اليهود أنفسهم، فإنهم لما أبلغهم نبي الله موسى عليه السلام -بأمر الله- أن يذبحوا بقرة كانوا ( الآنَ جِئْتَ بِالْحَقّ )يعلمون أنه جاءهم بالحق وأمرهم به، ولكنهم لم يقولوا [البقرة:الآية71]إلا عندما ضاقت بهم الحيل عن الاستمرار في المماطلة. وهكذا نستخرج القاعدة التالية:- عندما يعيد العدو وهو معروف دائما ببعده عن العدل والمنطق النظر في عدالة القضية ويبدأ في التفكير المنطقي فإن ذلك لم يحدث نتيجة خوف الله أو يقظة ضمير بل نتيجة ضغوط الواقع وتأثير المقاومة !! وفي هذا السياق يتقمص الشعر يقظة الضمير فتأتي قصيدة الشاعر الصهيوني المشهور "إيلي رندان " لتعبر بوضوح عن انهيار الحلم الصهيوني أمام حقائق الواقع. يخاطب الشاعر رمزا للهجرة الموعودة بالأحلام الصهيونية هو الفتى اليهودي الأوكراني "إسحاق" قائلا له: "على رسلك يا إسحاق! إلى أين أنت ذاهب؟ إلى بلاد السمن والعسل؟ لماذا تصمت؟ أجبني! أم أن سؤالي يثيرك؟ لا بأس! أنا لن أصمت بعد اليوم. إسحاق، لماذا يبحث الناس عن السمن والعسل؟ أليست هاتان المادتان لحفظ حياة الإنسان وسد رمقه ورمق أطفاله؟ ولكن عندما يتطلب الحصول عليها أن يضحي المرء بروحه وأطفاله؟ فإن من يصر على الحصول عليها هو أحمق حتى في نظر البسطاء. بالطبع تستطيع أن تأتي وستجدهم يستقبلونك أحر استقبال أذرع ممدودة لك، فتيات جميلات ينتظرنك عند سلم الطائرة في المطار، يقدمن لك باقات الورود.. فأنت بطل؛ لأنك عدت إلى أرض الأجداد وقد تحظى بقبلاتهن الحارة مسرحية كبرى ستشاهدها، وتكون أنت –غصبًا عنك- أحد ممثليها فأنت الذي أتيت لكي تُحْيِي تراث الأجداد، وتصدق النبوءات القديمة أنت رجعت إلى وطنك بعد ألفي عام!!! رجعت لكي تحيا فيه للأبد كي تنهل من العسل ويطيب لأطفالك تناول سمن هذه البلاد. هم لن يتركوك تنعم بالراحة والسكينة لن يمهلوك كثيرا من الوقت هم لم يخبروك الحقيقة هم لم يخبروك الحقيقة المُرّة والقاتلة هم لم يقولوا لك: إن هناك قوما آخرين غيرنا يدعون أن السمن والعسل ملكهم وأنه لا حق لنا في تناوله م يقولوا لك: إن هناك شعبًا آخر هم قالوا لك: إن هناك بعض الرعاع الذين بالإمكان معالجتهم كما عالج العم سام الهنود الحمر في أمريكا ويقولون لك: لماذا لا نتعلم من تجارب حليفنا الأكبر والأوثق ونستخدم نفس الوسائل نحن متحضرون صحيح لكنه الصراع على الوجود، وكل شيء فيه مباح عندنا اقترضوا من ميكافيلي منهجه. بإمكانك أن تفعل ما يحلو لك. لكنك سرعان ما تصطدم بالحقيقة المرة يا إسحاق ستعترف بخطيئة حياتك وستكتشف أنك أسأت لأطفالك فهؤلاء الرعاع ليسو هم الهنود الحمر الذين يتحدثون عنهم هؤلاء الذين بثوا هذه الخزعبلات في ذهنك "خَوْزَقُوك" !!!، حقا هم لم يقولوا لك الحقيقة.. إن هؤلاء الرعاع لهم قدرة كبيرة في تغيير تأثير الأشياء فالسمن والعسل اللذان يُستخدمان لرفد الإنسان بالحياة حوّله هؤلاء الرعاع إلى سم زعاف تستلذ بطعمه لكنك سرعان ما تتحول إلى جثة هامدة!. إسحاق، إذا كنت مصممًا على القدوم رغم نصائحي إذا ضقت ذرعا بالحياة في "كييف" وأردت القدوم لبلاد الفرص الواعدة ففكر مليّا مليّا عليك أن تعي أنك تقدم هنا لكي تمتشق سيفك الموت يا إسحاق مزروع في هذه البلاد في شوارعها وفي جبالها وفي هضابها وفي أزقتها وفي الزرقة الداكنة لبحرها وفي هوائها أيضا. إسحاق، هي كما قالوا قديما "أرض تأكل ساكنيها" إسحاق، لا أخفيك أنني وعلى الرغم من أنني أكفر بكل ما جاء في الكتب القديمة فإنني أحترم أجدادنا الذين رفضوا دخول هذه البلاد مع نبيهم موسى لقد فعلوا الشيء الصحيح التيه في صحراء سيناء والعيش على أوراق الشجر الشاحب أفضل من أن تموت هكذا. إسحاق، إذا صممت على القدوم على الرغم من نصائحي فكل الاحترام لك أنت إنسان مقدام تستحق الاحترام لكن علام التضحية ومن أجل أي شيء الفداء!!. إسحاق، سيفك لن يكون كعصا موسى التي شقت البحر ولن يكون أحد فينا كالملك داود لا يغررك ما يقولون المعركة لم تنته بعد كل حديثهم عن انتصارات خداع لكن أي انتصارات تلك التي لم تجعل الفلسطينيين يسلّمون -على ضعفهم- بالحقيقة التي نريدها؟ أي انتصارات تلك التي لم تقنعهم أن يتخلوا عن الإيمان بآيات قرآنهم وبوعد الرب لهم بالنصر من جديد. إسحاق أخي يخيل لي أن المعركة قد بدأت للتو.. إسحاق أخي رحمة بأطفالك.. ارجع ونم!!".
القاعدة السابعة (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَما ) [الأعراف: من الآية168]
" في كيان غريب ومحفوف بالأعداء، ودولة عنصرية لا هوية لها ولا دستور ولا حدود تكون علاقة الأمن الشخصي بالأمن القومي قوية إلى درجة عالية " في الحالات العادية حين يقاتل الإنسان على أرضه عن دينه، أو ماله أو أي قيمة يراها يكون أمنه الشخصي أقل ارتباطا بالأمن القومي أو الأممي، لأن الجذور عميقة والكيان قائم، مهما بلغت التضحيات، وهكذا بقي الوطن في حالات مثل فيتنام واليابان وألمانيا ودول كثيرة منيت بخسائر بشرية فادحة. وأعظم من ذلك بقاء المجاهد الجزائري والأفغاني والشيشاني وغيرهم ثابتين متشبتثين بتحرير بلادهم من العدو ورغم كل التضحيات والفوارق في القوة. أما في الحالة اليهودية فالأمر يختلف جدا، حيث لا وجود في الأصل لكيان باقٍ أو وطن ثابت. وذلك أن الكيان نفسه إنما تركب عضويا من آحاد المهاجرين الذين تجمّعوا في بيئة غريبة يجهلون عنها كل شيء تقريبا بدوافع عاطفية، وهذا التجمع لا هوية له، فحتى الآن لم يتفقوا على تعريف "اليهودي". بل إن عددا غير معلوم من فقراء الهند والحبشة وروسيا دسوا أنفسهم بين اليهود المهاجرين رغبة في حياة أفضل. وكذلك لا دستور له فإسرائيل ليس لها دستور ولا حدود رسمية حتى الآن !! وهؤلاء الغرباء المهاجرون لا يزالون يحملون ذكريات بلادهم الأصلية، ولغتها وملامحها، وبالتالي يستيقظ هاجس العودة إليها كل حين، لا سيما حين الإحباط والذعر -كما في حالة ما بعد الانتفاضة- كما إن جنسيتهم تؤهلهم للعيش في بلاد كثيرة غنية وآمنة. وهكذا يؤدي تناقص عددهم بالهجرة خاصة[وبعوامل أ..... كالتكاثر السكاني لخصمهم ] إلى أن يتقطّع الكيان في النهاية ويتناثر مثلما تتناثر الأشلاء في عملية تفجير قوية، وفي هذا إعادة للشتات الأول، الذي قال الله تعالى عنه بل هو في هذه المرة أولى، فالعمر الزمني(و َقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَما ) للمعركة لا يزال قصيرا جدا، ووسائل العودة متوفرة بما لم يكن يخطر على بال أحد من البشر قديما، وعوامل التآكل الذاتي قائمة فكيف والهدم يزداد والضربات تتوالى ؟ ومن هنا يظهر أثر "الردة" كما تقدم والتأكيد على هذا مهم لأن بعض الناعقين من العرب ومنهم منتمون إلى السلطة يفصلون في أحاديثهم وتحليلاتهم بين الأمن القومي والأمن الشخصي، والفكرة أصلا منقولة من التحليلات الأمريكية عن ضعف أثر الإرهاب على الأمن القومي الأمريكي ونحن نقول هبوا أن الأمر كذلك لكن القياس خطأ فأمريكا كيان كبير قائم لا يتأثر بتأثر آحاد قليلة منه أما في إسرائيل فالفرد الواحد له أهميته والأسرة الواحدة في المستوطنات لها أهمية استراتيجية. ولذلك فإن ما يجتاح الكيان اليهودي هو تهديد مباشر لوجود الدولة ذاته وبداية زوالها وهل هناك دليل أكبر من هجرة ربع سكانها تقريبا وهي أصلا كيان استيطاني لا جذور له؟!! ولإيضاح ذلك نقول: إن ربع سكان الدولة العبرية تقريبا هم من العرب، والربع الثاني وهو الأغنى والأرقى تعليما وخبرة قد هاجر، فلم يبق من اليهود إلا النصف المذعور والأفقر !! وهذا النصف إن بقي كله أو بعضه سيصبح أقلية في محيط من العداء المتلاطم والمتزايد يوميا ولن يستطيع الصمود في حرب الاستنـزاف التي فرضتها عليه الانتفاضة المباركة. تقول يديعوت احرنوت في (12/6/2002): " يتبين من استطلاع أجراه المجلس الصهيوني أن غالبية الإسرائيليين يفكرون أكثر من أي وقت مضى في مغادرة إسرائيل تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 50% من الإسرائيليين العلمانيين فكروا مؤخرا بالهجرة والتقوا بإسرائيلي قد هاجر أو فكروا بالهجرة " هكذا إذن يصبح الحديث عن أمن الدولة لا معنى له لأن القضية هي قضية بقاء الكيان أو زواله؟ وهذا ما عبر عنه أكثر من مفكر سياسي يهودي! إن موضوع نهاية إسرائيل مطروح الآن على قائمة الاهتمامات الفكرية والوجدانية الصهيونية. انظر على سبيل المثال إلى يديعوت أحرونوت (بتاريخ 27/1/2002) التي ظهر فيها مقال بعنوان "يشترون شققا في الخارج تحسبا لليوم الأسود"، واليوم الأسود هو اليوم الذي لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه. ونفس الموضوع يظهر في مقال ياعيل باز ميلماد (معاريف 27/12/2001) الذي يبدأ بالعبارة التالية: "أحاول دائما أبعد عني هذه الفكرة المزعجة، ولكنها تطل في كل مرة وتظهر من جديد: هل يمكن أن تكون نهاية الدولة كنهاية الحركة الكيبوتسية ؟ من نقطة الزمن الحالية ما زالت هذه الفكرة مدحوضة، ولكن ثمة الكثير جدا من أوجه الشبه بين المجريات التي مرت على الكيبوتسات قبل أن تحتضر أو تموت، وبين ما يجري في الآونة الأخيرة مع الدولة ". بل إن المستوطنين أنفسهم أصبحوا يستخدمون نفس العبارة. فرئيس مجلس السامرة الإقليمي أخبر شارون ( في مشادة لفظية معه ): نحن سنحارب بكل قوتنا، وسننـزل الشوارع. إن هذا الطريق الدبلوماسي هو نهاية المستوطنات إنه نهاية "إسرائيل" (هآرتس 17/1/2002). وقد لخص جدعون عيست المو | |
|